قبل توجهي للعمل الحر قرأت العديد من النقاشات التي تتحدث عن العميل العربي ، وكثيرًا ما كان يوصف بأنه سيئ، لا يقدر العمل، ولا يدفع مبالغ جيدة. 

ناهيك عن عمليات النصب والاحتيال التي تحدث، والمماطلات بخصوص الدفع، كان جزء لا يستهان به من الانطباعات تتحدث عنهم بسلبية كبيرة، وأن الأفضل لمن أراد دخول مجال العمل الحر أن يستهدف السوق الأجنبي.

بطبيعة الحال، ومع شخص جديد في العمل الحر، لم يكن لدي خيار سوا تجربة حظي مع العميل العربي ، وهو ما سأتحدث عنه في هذا المقال.

التعامل:

تعاملت مع جنسيات عربية كثيرة، من الخليج، الشام، مصر، ومن عرب يعيشون في دول أجنبية، تركيا، ألمانيا، وأمريكا… وأعتقد بأن هذه التجارب كافية للحكم على العميل العربي، هل هو جيد أم سيء؟

بصراحة وجدت الغالبية تتعامل معي تعامل أخوي، لا تشعر معه بأنك مع شخص غريب، بل مع شخص قريب منك. أسلوب تعامل بعيد تمامًا عن الطبقية. ولا أخفي عليكم أن بعض العملاء أقرب إلى صديق منه إلى عميل.

وجزء بالكاد يذكر يكون التعامل معه رسمي أكثر من اللازم، لكنه ليس بالسيئ.

التكلفة:

لا أنكر أن موضوع التكلفة ما زال إلى الآن يحتاج إلى تحسين كبير، لكنه ليس بالمجحف في حق المستقلين إذا أحسن المستقل استهداف فئة مناسبة.

ما زلت وحتى هذه الأيام أجد عملاء يختفون بلا رجعة بمجرد قراءته لرسالة تكلفة المشروع، والتي لا أجدها عالية مقارنة بالجودة المقدمة. وحتى في إحدى المرات كان المشروع بسيط، وتكلفته لا تتعدى 100 دولار، ومع ذلك حتى رسالة الاعتذار منه بأن التكلفة لا تناسبه لم تصلني.

هناك بالتأكيد عملاء يدفعون بشكل جيد، عملاء يطلبون منك البدء في تنفيذ المشروع وموضوع التكلفة يأتي في النهاية. هؤلاء العملاء يبحثون عن الجودة قبل كل شيء، وهم موجودون بالمناسبة.

أما بالنسبة للمستقلين الذين يرضون بأزهد الأسعار فهذه مشكلتهم قبل مشكلة العميل، لماذا ترضى بسعر أنت بنفسك تراه مجحف بحقك؟ شخصيًا لا أقبل العمل على مشروع لستُ راضيًا عن تكلفته.

الطيبة:

في بدايتي وكعادة أي مستقل جديد، سعرتُ أحد المشاريع بقيمة أقل من المستحقة، فما كان من العميل إلا أن نبهني، وقال بأنه من الأفضل لو زدت السعر عن هذا.

إحدى المرات بعد إنهاء المشروع حول لي العميل مبلغ زيادة عن المتفق عليه مع عبارة “أعجبني عملك” -إذا أردت معرفة تفاصيل أكثر عن الحادثة أقرأ هذا المقال– . وفي مرة أخرى طلبت من العميل بعد تسليم المشروع أن يزيد مبلغ إضافي نظرًا لأني أخطأت في تقدير تكلفة المشروع، وبالفعل حول المبلغ بدون أن يناقشني حتى.

وآخرها عندما فشلت في تنفيذ أحد المشاريع، وطلبتُ من العميل إلغاءه لكنه رفض وأصر على دفع نصف ما اتفقنا عليه مقابل أتعابي.

أعتقد أن الطيبة متأصلة في الشعوب الإسلامية والعربية منذ القِدم، ولا يختلف هذا في الأنترنت.

الخداع:

بالطبع لا يوجد مجتمع مثالي، خالي من العينات السيئة إن جاز التعبير، من خلال عملي لقد لاحظت بعض التصرفات من قلة قليلة لا تكاد تذكر والتي يمكن إدراجها ضمن بند الخداع، مثل إيهامك بأن المشروع صغير لتخطئ في تقدير التكلفة، أو التظاهر بأنه نسي جزء مهم لم يخبرك به عند الاتفاق، لتقوم في النهاية بعمل أكبر من المتوقع بدون زيادة في الأجر.

ومع ذلك هذه أمور بسيطة، ولو كنت أملك خبرة أكبر حينها لتعاملت مع الموقف بطريقة مختلفة. هذه الحيل لا تقارن مع التهرب من الدفع أو المماطلة، وهي ولله الحمد لم تحدث معي، وأرجو ألا تحدث أبدًا.

هذه النقطة تحدثت عنها من قبل في مقال: دروس مؤلمة تعلمتها من العمل الحر.

خلاصة الموضوع:

أرى بأن العميل العربي غير منصف عند الحكم عليه بسبب عينات شوه سمعته كثيرًا، ولا حاجة للحديث عن أن السلبيات تنتشر أكثر من الإيجابيات، وهو ما يفسر هذه النظرة الغير صحيحة برأيي.

بلا شك يوجد عملاء سيئون، ولكن من خلال تعاملي وجدت الأكثرية أشخاص رائعون بحق، طيبون ويستحقون كل التقدير والاحترام، وبكل تأكيد أقول أن العميل العربي جيد وليس سيئ.

وفي حال كان قارئ هذا المقال عميل وليس مستقل فهذه مجموعة من النصائح أوجهها له لتساعده على تنفيذ مشاريعه بطريقة صحيحة.

نقطة مهمة:

لا يعني حديثي عن العملاء بإيجابية حث المستقلين على التعامل بدون شروط تضمن حق الطرفين، تذكر ضعاف النفوس موجودون، ولا تستغرب أن يتنكر لك أحدهم بزي الشخص الطيب ليخدعك في نهاية الأمر، لا تكن طيبًا لحد السذاجة.

ونفس الموضوع ينطبق على العملاء، يفضل أن تكون هناك عقود تضمن حقك وحق المستقل، ضمان حق الطرفين شيء في مصلحة الجميع.

ماذا عنكم أصدقائي المستقلين، كيف هي تجاربكم مع العملاء؟ سواءً العرب منهم أو الأجانب. النقاش مفتوح هنا أو صفحة الموضوع في مجتمع حسوب.

ختامًا أحمد الله على أن وفقني للعمل مع عملاء رائعين، خضت معهم تجارب مميزة وجميلة، وأرجو أن تستمر تجاربي الجميلة أكثر وأكثر 🙂

تحياتي لكم.

حقوق صورة الموضوع محفوظة لأصحابها.